لقي الأزمة السياسية والأمنية التي تعيشها تونس بظلالها على الوضع الاقتصادي الهش في البلاد.
واعترف محافظ البنك المركزي الشادلي العياري الجمعة 23 يونيو أن الاقتصاد التونسي يمر بصعوبات حقيقية جراء تواصل التحديات المعقدة والمعرقلة لعجلة التنمية.
وقال "لن يكون صحيحا أو دقيقا الادعاء بتحسن أوضاع تونس الاقتصادية، لأننا بالبنك المركزي نعترف بأن الوضع الاقتصادي للبلاد حرج ومتعثر وصعب على أكثر من صعيد".
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]وتشير آخر الأرقام الرسمية إلى أن حجم الاستثمارات الأجنبية تراجع خلال النصف الأول من العام الجاري بنسبة 1.3 بالمائة ليبلغ 939 مليون دينار مقابل 951 مليون دينار خلال الفترة نفسها السنة الماضية.
كما سجل الدينار تراجعا أمام كل من اليورو والدولار الأمريكي إلى أدنى مستوى له خلال يوليو الماضي. وواصل العجز التجاري تراجعه ليصل خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري إلى 5.553 مليار دينار مقابل 5.468 مليار دينار خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
ويرى مراقبون اقتصاديون وسياسيون أن الوضع الاقتصادي سيصل إلى مرحلة كارثية، إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجته.
وداد بوشماوي رئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية صرحت الأربعاء الماضي أن الاقتصاد التونسي أصبح يعيش مرحلة خطيرة، داعية إلى ضرورة التوصل إلى حل للأزمة السياسية في أقرب الآجال والاهتمام أكثر بالاقتصاد.
أستاذ الاقتصاد عبد الجليل بدري أكد بدوره أن البلاد تشهد تراجعا في المؤشرات الاقتصادية التي زادت من تعميقها الأزمة السياسية والاضطراب الأمني.
وأضاف أنه على جميع السياسيين اليوم وضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار والالتفاف حول الاقتصاد التونسي بوضع آليات وإجراءات عاجلة للخروج من هذه الأزمة بأخف الأضرار.
إلا أن المسؤولين الحكوميين قللوا من هذه المخاوف متوقعين قدرة البلاد على تجاوز الأزمة الاقتصادية.
العياري وصف هذه الأزمة الاقتصادية بالظرفية معتبرا أن البلاد بعيدة كل البعد عن الإفلاس.
واعتبر أن صيحات الفزع والتحذيرات التي أطلقتها بعض الأوساط السياسية والاقتصادية مفهومة في جزء منها بالنظر إلى تراجع أبرز المؤشرات الاقتصادية، لكنه أكد أنها تضمنت مبالغات غير مبررة.
و أضاف "لا يمكن القول إننا وصلنا إلى حافة الكارثة لأن الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد التونسي تبقى صعوبات ظرفية رغم كثرتها، وهي صعوبات نتجت عن تراجع حركة الإنتاج واستقطاب الاستثمارات الداخلية والأجنبية، وتمويل المشاريع التنموية وارتفاع نسبة التضخم، وتزايد العجز التجاري وغيرها".
ونفى العياري مزاعم عن عدم قدرة تونس على الوفاء بالتزاماتها المالية الداخلية والخارجية. كما نفى معاناة الخزينة العامة من نقص النقد الأجنبي، وأوضح أن الأرقام أظهرت تغطية احتياطي البلاد من النقد الأجنبي للواردات في 109 يوما.
وأرجع محافظ المركزي المخاوف الاقتصادية التونسية إلى تردي الأوضاع السياسية والأمنية.
وقال لمغاربية "توافق الجميع لتسوية الملفات السياسية العالقة، والقضاء على الانفلات الأمني سيعيد ثقة المستثمر المحلي والأجنبي للاستثمار في البلاد".