نزاارياات

نزار قبانى
شاعر
الحب والثورة




ولد شاعرنا الكبير شاعر الحب والثورة "نزار قبانى" في "دمشق" بــ"سوريا" في آذار (مارس) عام 1923.. وبعد أن أنهى دراسته فى مدرسة الكلية العلمية الوطنية بدمشق، وحصل على البكالوريا التحق بالجامعة السورية لدراسة الحقوق، وقد تخرَّج منها عام 1945.

يقول شاعرنا الكبير عن نشأته "ولدت في دمشق 1923 في بيت وسيع، كثير الماء والزهر، من منازل دمشق القديمة، والدي توفيق القباني، تاجر وجيه في حيه، عمل في الحركة الوطنية ووهب حياته وماله لها. تميز أبي بحساسية نادرة وبحبه للشعر ولكل ما هو جميل. ورث الحس الفني المرهف بدوره عن عمه أبي خليل القباني الشاعر والمؤلف والملحن والممثل وباذر أول بذرة في نهضة المسرح المصري. امتازت طفولتي بحب عجيب للاكتشاف وتفكيك الأشياء وردها إلى أجزائها ومطاردة الأشكال النادرة وتحطيم الجميل من الألعاب بحثا عن المجهول الأجمل. عنيت في بداية حياتي بالرسم. فمن الخامسة إلى الثانية عشرة من عمري كنت أعيش في بحر من الألوان. أرسم على الأرض وعلى الجدران وألطخ كل ما تقع عليه يدي بحثا عن أشكال جديدة. ثم انتقلت بعدها إلى الموسيقى ولكن مشاكل الدراسة الثانوية أبعدتني عن هذه الهواية".

وبعد تخرجه عمل شاعرنا فى السلك الدبلوماسي، متنقلا بين عديد من العواصم العربية والأجنبية منها: القاهرة ، وأنقرة ، ولندن ، ومدريد ، وبكين ، ولندن. وفي عام 1966 ترك العمل الدبلوماسي، متفرَّغًا للشعر، مؤسسا دارَ نشرٍ تحمل اسمه .. وقد خلَّف شاعرنا الكبير وراءه إرثًا شعريًّا ضخمًا يضم ( 41 ) مجموعة شعرية ونثرية .. أولها " قالت لي السمراء " الذى صدرت طباعته الأولى عام 1944 .

والقارئ لشعر " نزار قبانى " يمكن أن يلحظ بدايته التقليدية فى نظم الشعرالعمودي ..ثم تحوله بعد ذلك إلى كتابة الشعر الحر "شعر التفعيلة"، ما ساهم بعمق في تطوير القصيدة العربية الحديثة


ويمكن القول إن شاعرنا "نزار قبانى" يتميز بفكره الخاص الملحوظ بقوة فى شعره ، ولا سيما دواوينه الأربعة الأولى التى تميزت بالرومانسية الشديدة .. وإذا تأملنا قصائده بعمق يتبين أن قصيدة "خبز وحشيش وقمر" تعد نقطة تحول مهمة فى مضمون نتاجه الشعرى .. فقد وجه من خلالها نقدًا قويًّا يعبر من خلاله عن تكاسل المجتمع العربي .. ما أثار رجال الدين، الذين طالبوا بطرده من العمل الدبلوماسي .. كما تميز فى شعره بشدة النقد السياسي .. ومن ذلك قصيدة "هوامش على دفتر النكسة" 1967..

.ومن أهم أعماله "حبيبتي"، و"الرسم بالكلمات"، و"قصائد حب عربية" .. ويمكن أن نلحظ أثر انتحار شقيقته- التي أجبرت على الزواج من رجل لم تحبه – على مضامين قصائده .. فقد ظل يهاجم كل ما كان سببًا في موتها .. وعالج قضايا الحب والمرأة من خلال رؤية ترى ان الحب في عالمنا العربي سجين يُستَوجبُ تحريرة .. وقد اتخذ من شعره أداة لتحقيق هذا التحرير .

وقد تزوّج " نزار قباني " مرتين، الأولى من ابنة عمه "زهراء آقبيق" وأنجب منها هدباء و وتوفيق . و الثانية عراقية هي "بلقيس الراوي" و أنجب منها عُمر و زينب . توفي ابنه توفيق و هو في السابعة عشرة من عمرة مصاباً بمرض القلب و كانت وفاتة صدمة كبيرة لنزار، و قد رثاة في قصيدة إلى الأمير الدمشقي توفيق قباني. وفي عام 1982 قُتلت بلقيس الراوي في انفجار السفارة العراقية ببيروت، وترك رحيلها أثراً نفسياً سيئاً عند نزار ورثاها بقصيدة شهيرة تحمل اسمها بلقيس ..

بعد مقتل بلقيس ترك نزار بيروت وتنقل في باريس وجنيف حتى استقر به المقام في لندن التي قضى بها الأعوام الخمسة عشر الأخيرة من حياته . ومن لندن كان نزار يكتب أشعاره ويثير المعارك والجدل ..خاصة قصائده السياسة خلال فترة التسعينات مثل : متى يعلنون وفاة العرب؟؟ ، و المهرولون .

ووافته المنية في لندن يوم 30/4/1998 عن عمر يناهز 75 عاما قضى منها اكثر من 50 عاماً في الحب و السياسة و الثوره .
كل الأساطير ماتت ….
بموتك … وانتحرت شهرزاد .
***




ومن أشعاره :



إيضاح إلى قراء
شعرى



... وَيَقُولُ عَنِّى الأَغْبِيَاءْ :
إِنِّى دَخَلْتُ مَقَاصِيْرَ النِّسَاءِ .. وَمَا خَرَجْتْ
وَيُطَالِبُونَ بِنَصْبِ مشْنَقَتِى ..
لأَنَّنِى عَنْ شُؤونِ حَبِيْبَتِى شِعْرًا كَتَبْتْ
أَنَا لَمْ أُتَاجِرُْ – مِثْل غَيْرِى – بِالحَشِيْش ..
وَلاَ سَرَقْتُ ..
وَلاَ قَتَلْتْ ..
لَكِنَّنِى أَحْبَبْتُ فِى وَضَحِ النَّهَار ..
فَهَلْ تَرَانِى قَدْ كَفَرْتْ ؟؟
*
إِنِّى بِأَشْعَارِى ، خَرَجْتُ عَلَى تَعَاليْمِ السَّمَاءْ
مَنْ قَالَ إِنَّ الحُبَّ عُدْوَانٌ ؟
إِنَّ السَّمَاءَ صَدِيْقَتِى ..
تَبْكِى إِذَا أَبْكِى ..
وَتَضْحَكُ إِذَا ضَحِكْتْ
وَتَزِيْدُ أَنْجُمُهَا بَرِيْقًَا ..
إِنْ أَنَا يَوْمًا عَشِقْتُ .. إِنْ أَنَا يَوْمًا عَشِقْتْ ..
مَاذَا .. إِذَا غَنَّيْتُ بِاسْمِ حَبِيْبَتِى ؟
وَزَرَعتُهَا فِى كُلِّ عَاصِمَةٍ
كَغَابَةِ كَسْتَنَاءْ ..
سَأَظِلُّ أَحْتَرِفُ المَحَبَّةَ
مِثْلِ كُلِّ الأَنْبِيَاءْ
وَأَظِّلُ أَحْتَرِفُ الطُفُولَةَ ، وَالبَرَاءةَ
وَالنَّقَاءْ
حَتَّى أُذَوِّبُ شَعْرَهَا ذَهَبًا فَى ذَهَبِ المَسَاءْ
وَأَنَا – وَأَرْجُو أَنْ أَظِلَّ كَمَا أَنَا –
طِفْلاً يُخَربِشُ فَوْقَ حِيْطَانِ النُّجُومِ كَمَا يَشَاءْ
حَتَّى يَصِيْرُ الحُبُّ فِى وَطَنِى بِمَرْتَبَةِ الهَوَاءْ
وَأَصِيْر قَامُوسًا لِطُلاَّبِ الهَوَى
وَأَصِيْر فَوْقَ شِفَاهَهُمْ
أَلِفًا وَبَاءْ ...
***


الوصية



أَفْتَحُ صُنْدُوقَ أَبِى
أُمَزِّقُ الوَصَيَّة .
أَبِيْعُ فِى المَزَادِ مَا وَرِثْتُهُ :
مَجْمُوعَةِ المَصَابِيحِ العَاجِيَّهْ
طَرْبُوشُهُ التُّرْكِىُّ ، وَالجَوَارِبُ الصُّوفِيَّهْ
وَعُلْبَةُ النُّشُوقْ ، وَالسَمَاوَرُ العَتِيْقُ ، وَالشَّمْسِيَّهْ
أَسْحَبُ سَيْفِى غَاضِبًا
وَأَقْطَعُ الرُّؤوسَ ، وَالمَفَاصِلَ المَرْخِيَّهْ
وَأَهْدِمَ الشَّرْقَ عِلِى أَصْحَابِهِ
تَكِيَّةً .. تَكِيَّهْ ...
*
أَفْتَحُ صًنْدُوقَ أَبِى ..
فَلا أَرَى ..
إِلاَّ دَرَاوِيْشَ وَمَوْلَوِيَّهْ
وَالعُودَ .. وَالقَانُونَ .. وَالبَشَارِفَ الشَّرْقِيَّهْ
وَقِصَّةَ الزِّيْر عَلَى حِصَانِهِ
وَعَاطِلِيْنَ يَشْرَبُونَ القَهْوَةَ التُّرْكِيَّهْ
أَسْحَبُ سَيْفِى غَضِبًا
وَأَقْتُلُ المُعَلَّقَاتِ العَشْرَ .. وَالأَلْفِيَّهْ
وَأَقْتُلُ الكُهُوفَ ، وَالدُّفُوفَ ،
وَالأَضْرحَةَ الغَبِيَّهْ ..
*
أَفْتَحُ تَارِيْخَ أَبِى ..
أَفْتَحُ أَيَّامَ أَبِى ..
أَرَى الذِى لَيْسَ يُرَى
أَدْعِيَةٌ .. مَدَائِحَ دِيْنَيَّهْ
أَوْعِيَةٌ .. حَشَائِشٌ طِبِّيَّهْ
أَدْوِيَةٌ .. لِلْقُدْرَةِ الجِنْسِيَّهْ
أَبْحَثُ عِنْ مَعْرِفَةٍ تَنْفَعُنِى
أَبْحَثُ عِنْ كِتَابَةٍ تَخُصُّ هَذَا العَصْرِ .. أوْ تَخُصُّنِى
فَلا أَرَى حَوْلِى سِوَى رَمْلٍ .. وَجَاهِلَيَّهْ
*
أَرفُضُ مِيْرَاثَ أَبِى .
وَأَرْفُضُ الثَّوْبَ الذِى أَلْبَسَنِى
وَأَرْفُضُ العِلْمَ الذِى عَلَّمَنِى
وَكُلَّ مَا أَوْرَثَنِى مِنْ عُقَدٍ جِنْسِيَّهْ
أَرْفُضُ ( ألفَ لَيْلَةٍ ) ..
وَالقُمْقُمَ العَجِيْبَ ، وَالمَارِدَ ، وَالسُجَّادَةَ السِّحْرِيَّهْ
أَرْفُضُ سَيْفَ الدَّوْلَةِ المَغْرُورَ .. والقَصَائِدَ الذلِيْلَةَ الغَبِيَّهْ ..
أُحْرِقُ رَسْمَ أُسْرَتِى .. أحْرِقُ أبْجَدِيَّتِى ..
وَمِنْ فِلسْطِيْنَ ، وَمِن صُمُودِهَا
مِنْ طَلَقَاتِ النَّارِ فِى جُرُودِهَا
مِنْ قَمْحِهَا المَغْمُوسِ بِالدَّمْعِ ، وَمِنْ وَرُودِهَا
أَصْنَعُ أَبْجَدِيَّهْ ..
*
أَدْخُلُ مِثْل البَرْقِ مِنْ نَافِذَةٍ خَلْفَيَّهْ ..
أَرَاهُ لاَ يِزَالُ مَثْلَمَا تَرَكْتُهُ
مُنْذُ قُرُونٍ سَبْعَةٍ
مُضَاجِعًا جَارِيَةً رُومِيَّهْ
أَقْرَأُ آيَاتٍ مِنَ القُرْآنِ فَوْقَ رَأْسِهِ
مَكْتُوبَةً بِأَحْرُفٍ كُوفِيَّهْ
عَلَى الجِهَادِ فِى سَبِيلِ اللهِ ، والرَّسُولِ ،
وَ الشَّرِيْعَةِ الحَنَيْفَهْ
أَقُولُ فِى سَرِيْرَتِى :
تَبَارَكَ الجِهَادُ فِى النُّحُورِ ..
وَالأَثْدَاءِ ..
وَالمَعَاصِمِ الطَّرِيَّهْ ..
يَا حَضْرَةَ الخَلِيْفَهْ ..
أعْبُرُ مِنْ سَرَادِقِ الحَرِيْمِ كَالمَنِيَّهْ
أَمْشِى عَلَى الأَبْدَانِ .. وَالغِلْمَانِ ..
وَالأَسَاوِرِ المَرْميَّهْ ..
أَمْشِى عِلِى تَوَجُّعِ الحَرِيْرِ وَالقَطِيْفَهْ ..
*
أَدْخُلُ مِثْل المَوْتِ مِنْ نَافِذَةٍ خَلْفَيَّهْ ..
يَحْسَبُنِى مرتَزِقًا ..
دَبَّجْتُ فِى مَدِيْحِهِ قَصِيْدَةً هَمْزِيَّهْ
يَأْمُرُ لِى مِنْ بَيْتِ مَالِ المُؤمِنِيْنَ كُلَّ مَا أطْلُبُهُ ..
عَبَاءَةً مِنْ قَصَبٍ
وَسَاعَةٍ مِنْ ذَهَبٍ
وَمِنْ نِسَاءِ قَصْرِهِ مَحْظِيَّهْ ..
أَبْثُقُ فَوْقَ وَجْهِهِ ..
وَفَوْقَ وَجْهِهِ الدَّوْلَةِ العَلِيَّهْ
مَنْ أنْتَ ؟
يَا سَيَّافُ . اقْطَعْ رَأْسَهُ ..
وَهَاتِ لِى الرَّأْسَ عَلَى صِيْنِيَّهْ
يَا مَلِكِ الزَّمَانِ ، إِنْ قَتَلْتَنِى
فَمُسْتَحِيْلُ تَقْتُلُ الحُريَّهْ
*
قُمْ يَا طَوِيْلَ العُمْرِ ..
مِنْ حُجْرَتِكَ الوَرْدِيَّهْ
وَافْتَحْ شَبَابِيْكَكَ ..
للشَمْسِ ، وَالْعَدْلِ ، وَللرَّعَيَّهْ
فَمَا رَآكَ الشَّعْبُ مِنْ آخِرِ بَنِى أُمَيَّهْ ..
هَلْ أَنْتَ حَقًا مِن بَنِى أُمَيَّهْ ..
أُخْرُجْ إِلَى الشَّارِعِ يَا أَمِيْرَنَا ..
وَاقْرَأْ .. وَلَوْ صَحِيْفَةً يَوْمِيَّهْ ..
إِقْرَأْ عَنِ السِّوَيْسِ ، وَالأُرْدُنِّ ، وَالجُلاَن ،
وَالمَدَائِنِ السَبِيَّهْ ..
عَنِ الذِيْنَ يَعْبُرُونَ النَّهْرَ نَحْوَ الضِّفَّةِ الغَرْبِيْهْ ..
هَلْ يَا طَوِيْلَ العُمْرِ .. فِى بَلاَطِكُمْ
خَرِيْطَةٌ صَغِيْرَةٌ .. للضِّفَّةِ الغَرْبِيَّهْ ؟؟ ..

أقدم اعتذاري
لوجهك الحزين مثل شمس آخر النهار
.. عن الكتابات التي كتبتها
.. عن الحماقات التي ارتكبتها
عن كل ما أحدثته
في جسمك النقي من دمار
وكل ما أثرته حولك من غبار
.. أقدم اعتذاري
عن كل ما كتبت من قصائد شريرة
.. في لحظة انهياري
فالشعر ، يا صديقتي ، منفاي واحتضاري
.. طهارتي وعاري
ولا أريد مطلقا أن توصمي بعاري
من أجل هذا .. جئت يا صديقتي
.. أقدم اعتذاري
.. أقدم اعتذاري